الخميس، أبريل 05، 2012

الطور الطبيعي وحالة الحرب وفقاً لما يراه جون لوك..


حتى نتمكن من ادراك ماهية السلطة السياسية وطبيعتها كان يجب ان نتوقف عند الطبيعة البشرية وذلك

بفحصها والبحث في متعلقاتها وهي تلك التي تقضي بأن كل انسان حُر بطبعه غير ملزم بالانصياع لمن هم في

ذات كونه! وذلك ضمن اطار سنة الطبيعة وحدها. وستفضي بعد ذلك الى تحقق العدل والمساواة بمكافئة

السلطة والسيادة معاً. مالم يتم تكليف احدهم بممارسة ذلك الدور  وذلك لا يكون الا جلياً امام بقية من هم في

ذات المنظومة. ويعتبر هوكر الحصيف وهو فيلسوف سياسي بريطاني ان المساواة ماهي الا أمر بديهي للغاية

! وجاء في مجمل ما ذكره هذا الفيلسوف تطبيقاً لمبدأ "عامل كما تحب ان تعامل" اي انك ومن منطلق

 مساواتك مع الآخر وجب عليك الاكتراث له كما تكترث لذاتك تماماً وان لم تفعل فلن تجد من الآخر الا ان

لايفعل كذلك! ومن المهم جداً الاشارة الى أن هوكر اشار لتلك المساواة بالحافز الطبيعي التي تخلق لهم جواً من

الادراك لذلك الواجب.


وتجدر الاشارة الا ان الحرية في الطور الطبيعي غير مطلقة وانما تتوقف عند حريات الآخرين وسلامتهم
وحرية الذات وسلامتها ، فليس من حق الانسان ان يتخلص من نفسه! فهو موجود لقضاء شئون الله لا
شئونه وذلك ليس فيه من الحرية في شيء! ذلك يعني انه "مستخلف" في الأرض ، والطور الطبيعي ماهو الا
سنة طبيعية وتلك السنة يمثلها العقل ! ولو احتكم كل بشري اليه لأدرك انه متساوٍ مع قرينه ، وحر كذلك.
وحفاظاً على تلك السنة كان من اللازم ان يكون للفرد حق معاقبة الخارجين عنها.وهنا سيكون لمن لاقى
الجرم سلطة ليست بكيفية على المجرم بل ان حكمه سيكون وفقاً للجرم وطبيعته بما يملي عليه ضميره! وان
الخروج عن السنة ماهو الا اعلان سافر بالارتباط بقاعدة مخالفة للعقل والعدالة وان العقاب قد يكون انقاذاً
لهذه السنة .
و من خلال ذلك يتبين لنا ان الخروج عن السنة الطبيعية التي تمثل مبادئ الطبيعة البشرية أي النزوح عن
قواعد العقل السليمة وخرق القوانين والأنظمة المعمول بها وفقاً لذلك لن يفضى بنا  الا  لضرر ما ، يلحق اما
 بمن هم في ذات المنظومة بشكل عام ولفرد منها بشكل خاص ! لذلك كان لابد وان يكون هنالك عقاباً
ما وذلك تطبيقاً لما ذكرته آنفة عن معاقبة الخارجين عن السنة الطبيعية ! فكان هنالك ما يسمى بقضاء
الالتزام تجاه الحق العام المتعلق بالمنظومة كاملةً وهذه قد يتمكن الحاكم من اسقاطها متى ما رأى في ذلك
 صالحاً عاماً ، وعلى الجانب الآخر هنالك الحق الخاص الذي يلزم المجرم فيه بتعويض من لحق الضرر به
ولا يمكن لأي سلطة كانت ان تسقط هذا الحق خلافاً للحق العام. ويجدر بنا الاشارة الا ان المتضرر قادر على
 ان يطالب بحقه بصور عدة بما يتناسب وحجم ضرره كأن يطالب بأملاك المعتدي وما الى ذلك! وفي ذات
الشأن يمكن ان يعاقب اي افراد هذه المنظومة هذا المعتدي مخافة ضرره على الجنس البشري ولكي يكون
عبرة لكل من تخول له نفسه تطليق العقل والخروج عنه.
وانما يكون العقاب المأخوذ به في الطور الطبيعي هو ذلك الذي يكفي بشدته ان يستحيل دون عودة المجرم
لجرمه واعتبار الناس من ذلك .
أقام الله  الحكومات لاننا  سنكون عرضة لكثير من الأمور الحتمية  اهمها الطبيعة الانسانية والتي تقول بأننا
جميعاً نتمتع بقدر كاف من الشر البشري واتباع الهوى وانه ليس من الممكن اتفاقاً مع ذلك ان نكون الخصم
والحكم في آن . لذلك كان لابد وان تنظم العملية بدلاً من اشاعة الفوضى على ان يكون ذلك التنظيم ملتزماً
بالحكم المدني. وان لايكون هنالك سلطة مطلقة للحاكم لانه وان كان ذلك سعياً لتفادي مشكلات الطور الطبيعي
فإنه وبالحقيقة لايشكل فارقاً عنه! لان الحاكم لن يكون سوى الخصم والحكم في كل شيء!
وفي معرض ما يتعلق بوجود الطورالطبيعي من عدمه فإنه وما دامت هناك حكومات مستقلة في وضع طبيعي
فإنه من الطبيعي اننا سنخرج من ذلك بإيماننا الكامل بأن هذا العالم غير خالٍ ممن هم في هذا الطور. سواء
كان ذلك بطريقة مباشرة اي بالتعاقد او بطريقة غير مباشرة فهذا الطور لا يمتثل فقط لمن تعاقد عليه بل بأخذ
ما جاء به من قواعد والتي تمثل اصلاً بشرياً وجب الوقوف عنده كما هو الحال بقضاء المعاهدات.وان لم يكن
هنالك هذا الطور فإننا كبشر ملزمون على ان نوفر لذواتنا المعيشة التي يجب ان نكون عليها وهيتلك التي
تضع اعتباراً لكراماتنا ...

"حالة الحــــــــــــرب"
حالة الحرب هي اعلان سافر للرغبة في القضاء على الآخر ، وان السنة الطبيعية تقضي بوجوب بقاء
الانسان وسلامته تفضل على سلامة الجاني. ولذلك فان الاستبداد ما هو الا شكل من اشكال الحرب والقضاء
على الآخر فإن كل من تسول له نفسه ان يتحكم في مصائر البشر يجب ان تعلن عليه الحرب وان يشرع
القضاء عليه ! حتى يتمكن الناس من الحفاظ على انفسهم ! وان ممارسة القوة في فرض سيطرة امرئ ما
على بقية البشر وقمع حرياتهم ماهي الا خطوة في سبيل تجريد البشر من كل حقوقهم وممتلكاتهم! وذلك
خطر جسيم يحق للبشر التصدي له . ومن هنا ننطلق للفرق القائم بين الطور الطبيعي الذي يأخذ سبغة
التعاون والتشارك ولايكون فيه سلطة نفر من الناس على الناس ، وطور الحرب الذي يتسم بالتقتيل ومحاولة
افتراس الآخر وسلبه ما يملك بالقوة . وما ان ينتهي دور تلك القوة حتى تنتهي الحرب بين ابناء المجتمع
الواحد.

ملخص ومقال بتصرف لنصين اثنين لجون لوك ..
الطور الطبيعي و حالة الحرب ..

 

 أمل بنت عامر السعيدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق