الجمعة، أبريل 22، 2011

طائرة ورق..

تبث الحياة في احداثها ارواحا مختلفات لنبدوا في طبيعتنا سعداء ،حزاني ،كسالى ، او خليط من تلك النعوت ..نستيقظ باحلام مرهفة تصل السماء بطولها الشاهق  التي ما تلبث رويدا رويدا الا وان تلتهمها افكار المستحيل التي تسيطر على افواه تلك الكيانات المعنوية..
احيانا نحب ان احلامنا باتت لها مظلة اخرى تحتويها بما يجب لتصقلها وتجعل منها قطعة ثمينة  في سوق الدنيا واحيانا اخرى تصبح ارخص وافقر .ربما لاننا لا نعود الى ادارجنا ونحن ما زلنا نحبو ثم ننطق الابجديات الاولى لنا ولم نعد ليومنا الدراسي الاول ..وفرحنا في الحارة بصحبة باقي الاصدقاء والاخوة ..بالنسبة لي عشت طفولة ليست اعتيادية صاحبت القلم والكتاب وتحدثت كثيرا مع شخصيات انا اختلقتها من نفسي الهادئة..فولدت نفسي طبيبا ومهندسا وصحفيا وسكرتيرا واشياء اخرى مثيرة..
ما يهمني ان اقوله لكم اليوم عن ذلك العقد الجميل بغرابته وبصعوبته انني ذات يوم لمحت طائرة ورقية تجوب السماء..كدت اذوب من الغيرة لشغفي بحب الزرقاء ..كنت اراقبها كل يوم واتسأل كم هي بعيدة ..ومايعني انها سبع سماوات ..وهل لها نهاية حدودية ؟!! واليوم اجد ان الورق وجد سبيلا لمعرفة ذلك دون ان يرسم اعتبارا لجنوني ذاك..حلمت ان امتلك واحدة .لكنني لم اعرف السبيل للحصول عليها فقد رأيتها على الساحل ..لم اكن لاخبئ مصروف يومي والدكاكين تملأ حارة جدتي لامي..مرة فاثنين فثلات ما عادت تستحي الاوراق وماعدت اطيق الانتظار ..خاطبت خالي بلطف سائلة اياه ان يرشدني الى حيث عدوتي ..لكنه قال لي انها غالية الثمن ولا استطيع ابتياعها..ووعدني لفرط اصراري على اقتنائها ان يصنع لي واحدة ..وان يزورني في بيت جدي لابي ليتسنى له ذلك شريطة ان اجمع الادوات وامسى يعددها لي واصبحت انا انشدها بالحان اسطورية ..كأنما سالقى امي التي ما حضنت منذ شهور او ابي الغارق في جنوب عمان بعيدا عني وعن شغب طفولتي ذاك..وبدأت عملية البحث ..نبشت كل اكوار الطبيعة المحيطة بي لاجد خيطا فابرة وقماش وعصا كبيرة واشياء لا اذكرها ,,لا يهم ان قضيت يومي بحثا عن الادوات بكميات مناسبة لارضي غروري بعدوة ضخمة انتقم منها انتقاما بحجم الطفولة الوحيدة التي سكنتني  عقابا لها  انتهاكها عذرية سمائي وتلوين شرفها النقي من كل الالوان المقيتة ..ها هو بعد اسابيع طوال يزورني حقا لكنه كان يعتقد انني ساعجز عن توفير ما طلب لذا بات مستغربا من فعلتي الشنيعة التي ستجبره ان ينفذ وعدا كان قد قطعه وابرم كامل بنوده !!!!!..ثم بعد كل ذاك صنعها كما اريد ..مشبعة بروح الاخلاص في العمل ...مهلا ... لم تطر !! لم تتجاوز سطح باب بيت جدي الكبير ..تهاوت كل احلامي وعادت ادارجها تهز مهد الوحدة والفقد واليأس والاحباط ..لكنها سريعا ما تلاشت ..لا يهمني ان كانت الاخشاب ثقيلة او ربما القماش لم يكن مخاطا كما يجب..جبت البر من وراء منزلنا ذاك اطلقها في الهواء وارجوها ان تعلوا امتارا اخرى ..تسقط فأحملها واقلبها بيداي ما بالك هل انتي غاضبة من فكرة حقدي ..احاول ان اصلح بأسها ومرضها ذاك..واخيرا بعد محاولات منهكة وجدتها تطير ..مرة واحدة فقط حتى اطلق العنان لشراستي وكبريائي ..خاطبت السماء وسطرنا حوارات ..بعدها ضاعت طائرتي الورقية تماما كما ضاعت بالامس الكثير من الطموحات اللونية ..لم اعد ابحث الا في كهوف معتمة داكنة الغسق ..واليوم رحت الى البحر تسامرت مع امواجه وها انا اتنفس الصعداء واطلق زفيري في صدر السماء فافتح عيناي على طائرة ورق اخرى ..اشتقت لها واشتقت لغروري ذاك ..لما ننهب انفسنا ذوات كانت تسعدنا بعمق ..لما لا تنضج افكار الطفولة لا ان تتغير ..لما تتحطم اسقف امالنا السكرية ..لما طعم كل شي يختلف..اشياء لا استطيع او تستطيع ان تتركها بلا اجابات وان كانت عابرة ..كما لا تقدر ان تلوم الزمن ..فأنا المخطئة الوحيدة في حق ثراء روحي وبراءة شغبي من الغلو ..كم ستبدوا الحياة رائعة لو ان عينا رات طائرة ورق في عقدها الاول تراها اليوم لتهرب الى اقرب مكتبة تبتاع اوراقا في كيفية صنعها  بذات الحماسة وذات النار المتوقدة في خضم الحياة الحلوة..نحتاج لمصالحة انفسنا وان ندق جرس نهاية حصة نامت فيها ارواحنا المغامرة والمتفائلة لكلافة معلمها الجبان ..امس كانت الحياة امل واليوم هي أمل وغدا ستكون باذن الله املا آخر....تحيتي لطائرة الورق التي اعادتني اليكم ..
هل ما زلت تخاصم نفسك ؟؟؟ ......ساعيرك طائرتي :)




كامل ودي وتقديري .... امله هو السعيدي ..... :)

هناك تعليق واحد: