(نزيف الأدمغة )
تزمئر الحياة في وجه الشباب الطموح ، ولا يجد ملاذا إلا الفرار كالطيور ليتبنى الوطن ألما جديدا ويشرب الغرب نخب الحداثة والتطور البشري والتكنولوجي القائم على سياسات ممنهجة وفق خطة برجماتية بحتة، تقوم على استغلال دماغ الإنسان أيا كانت أصوله وانتماءاته، لتتمكن ذات المنظومات من النهوض بإستراتيجيتها وأهدافها. وتبقى الأسئلة حائرة معلقة بثوب حداد تنتظر استعراضها من قبل الجهات الرسمية والمسئولة في كل الأقطار العربية لما تهاجر الكفاءات منها؟ وما هي نسبة المهاجرين؟ وما هي نتائج تلك الطفرة الانفعالية؟- كما أحب أن أطلق عليها - فلا عجب فلكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار معاكسة له في الاتجاه ،فان لم تجد هذه الطاقات الاحتواء المنظم الذي يصقل معالمها تقرر الهجرة سعيا لتحقيق أحلامها ..ولست هنا بصدد استعراض الأجوبة تلك وإنما تقييم الالتفاتة المؤسساتية لها ودور المجتمع في ضخ هذه العقول في بيئات أخرى كسبت الرهان ضد المرجعية الانتمائية ..
ويجب استعراض خلاصة دراسات عربية حول هذه القضية لنجدها باقتضاب تجرنا الى نظرية واحدة وهي ان الدول العربية باتت طاردة للكفاءات.
حيث تشكل هجرة الكفاءات العربية 31 % مما يصيب الدول النامية، والجدير بالذكر أن هناك أكثر من مليون خبير واختصاصي عربي من حملة الشهادات العليا في الخارج، 450 ألف منهم في أمريكا حسب تقرير مؤسسة العمل العربية.. واختلفت الأسباب بين الموضوعية المتعلقة بالثورة المعلوماتية في تلك البلدان او العوامل الداخلية الاجتماعية في وطن المهاجر..وحري بنا أن نذكر أن كثير من معضلات المجتمعات العربية ممكن أن تجد طريقها للخلاص متى ما تم إيجاد الحلول المناسبة لتشغيل هذه الكوادر وتنميتها وتطويرها..ونحن في الخليج يجب أن نكون أكثر حزما فيما يتعلق بتهيئة الجو المناسب لهذه العقول من ناحية تجهيز مراكز البحوث والمختبرات والجامعات والأندية العلمية والأدبية على حد سواء ليجد هؤلاء متنفسا يتسع لأفق تطلعاتهم ، ولا شك في أننا قادرون على ذلك نسبة للإمكانيات المادية التي يعول عليها المواطن الخليجي الكثير .. ومن المهم أيضا أن يتم إنشاء هيئات مستقلة متابعة لهذه العقول داخل وخارج البلاد. من ناحية أخرى يجب أن يبدأ المستثمرون العرب بدورهم بالنهوض بمثل هذه النشاطات من خلال تنفيذهم جملة من المشاريع الخدمية في شتى المجالات تتمكن من تشغيل هذه الثروات واستغلالها .وحينما نتحدث عن هذا الموضوع يجب علينا أن ندرك أن المشكلة قد تكون ذات جذور سيكولوجية بحتة لان الإنسان العربي بات ينشأ في بيئة تصور له بأنه الأكثر رجعية وتخلفا واضطهادا ليتربى على فكرة الحنق تلك ، حتى يتمكن من التخلص من تلك القيود التي أحس بها تجابه وجهاته وآماله مذ كان صغيرا وهنا يأتي دور الأسرة في تعزيز الانتماء في نفوس أطفالها وتربيتها على أنها القادرة على تغير الكثير و وهي قادرة على أن تسهم في النهضة الفكرية والمجتمعية.
ولم اكتب مقالي هذا إلا ليكون بمثابة الصوت الذي يأمل أن يقرع أبواب المسئولين، فنحن بحاجة لان نتخلص من نمطية المواضيع والمشكلات المطروحة في جدولة مجالس الدولة..ولا يمكن أن أنسى ما قاله فاروق جويدة
"هذي بلادي تاجرت في عرضها وتفرقت شيعا بكل مزاد"..فنحن من الوطن للوطن ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق