الثلاثاء، يناير 03، 2012

الحلقة الاولى : كيف أصبحتُ (أنا) !

لا بأس في أن يكون الزمان اجدب او ان الحياة يابسة !!
لطالما كان الفرق بين أمل وألم حرفٌ قدمَ على الآخر.. 
....................................................................................................................................

لطالما كانت لدي اسئلة تمنعني من البوح بها تضاريسُ اعرافنا البالية والتي جعلتني اصادقُ نفسي لاسئل واجيب!، ولا اعلم ان كانت اسئلتي تكبرني سناً او ان الامر هو مجرد شغب لن ينتهي ،يعتقد الكبار انهم يمتلكون القدرة على دس أحاديث المساء عن تلك النار التي تأكل في انفسنا كل شيء! انها موقد الفضول والشك!،وكم هم في ظنهم يعمهون!.لا اذكر الا ان ذلك كان كالزيت الذي يصب على النار لتزداد اشتعالاً.
كنتُ ابحثُ عن الثقوب في كل شيء،انه هوسٌ من نوع آخر، ربما أجد مطرحاً لاطرق فيه مسمار لوحتي التي وان بدت ممسوخة الا انها بريشة طفلة!
كنتُ لا اعلم لما نصلي؟ كان ذلك يثير فيّ الرغبة بالتمرد حين تفرش امي سجادةً صغيرة بقرب خاصتها الكبيرة ، لم نفعل وما ذنب الكفار في انهم كذلك،سمعتُ امي تقرأ ان الله يهدي من يشاء ويظل من يشاء،وماهذه الهالة التي جعلتنا في مرتبة اعلى من بني جلدتنا! كان ذلك يثير حفيظتي ويؤرقني ليل نهار ، لكن كعادة اطفال الشرق نفضل الصمت على المبادرة بالحديث الذي سينتهي غالباً بتقزيم عقولنا ووأد كرامتنا! الكرامة كانت بالنسبة لي شيئاً ثمينا - لم اكن اعي بعد انني لا امتلك كرامة- ! وها هي استاذتي تشرحُ درس اليوم وانا ارفع يدي باستحياء وبعد ان اذنت لي ، اطلقت العنان للساني الطويل في هكذا مهاترات والقصير نسبياً في اوقات الفراغ! ولم يكن ذلك من الادب بل من الخوف ! صمتتُ فيما كل العيون ترصد وقوفي ذاك وكأنني ارتكبت للتو جريمة دامية!،نظرت اليّ المعلمة وقالت :لقدر درستُ سنة كاملة لاجد جواباً شافيا لسؤالك ! لم العجلةُ صغيرتي!
وكأن الرسالة المضمرة في شاكلة احاديثِ كهذه انه علي ان ابتياع الدمى لامشط شعرها كل يوم بشكل يستفزني كفتاة تبحث عن مشط!

سؤالي الثاني كان ضرباً من الجنون ، كنت استمعُ لاغاني كثيرة كانت اغلبها كما تحكي لي ذاكرتي لعبدالمجيد عبدالله ، وكان لا ينهي جملته بكسرة! وهنا تكمن الأزمة! كيف له ان يقول احبك! فيما يتوجب عليك القول احبكِ ! ياء المؤنثة المخاطبة لم يكن يعترف بها! هل يعقل ان يكون قد غنى لرجلٍ آخر! عذراً يبدوا انني اتهمته بالشذوذ !

كنت اتسآل لم هي الصحف اليومية شيءٌ يفرشُ كل ظهيرة لتعدم بظهر صحن الغداء؟ وما مصيرُ صديقي محمد كاتب المقال في الصفحة الاخيرة بعد ان يلطخ وجهه بحساءٍ ولدتُ وهو احمر وسأموت وهو كذلك!

وذات يوم تلقيتُ اولى صفعات الحياة التي تبدوا اليوم مؤلمةً اكثر ، قررت معلمتي في الروضة ان تكرمني لتفوقي في الصف وهذه المرة ليست برزمة (حيوانات) وانما برحلة للحديقة! كان ذلك حلما وردياً لا ينكف زيارتي كل يوم ليعبث بمشاعري ببلاهة الاحلام المتكبرة ! عدتُ الى البيت والابتسامة في محياي لا يمكن ان تشبه شيئا في جمالها! اخبرتُ اهلي بالخبر السعيد وان المعلمة ستأتي عصر اليوم لتأخذني معها الى حيث اشتهي! .. ارتديت فستاناً بلون الحديقة ووضعتُ احمر شفاه! مما اغضب والدي! لكن امي اصرت على ان ابدوا بكامل اناقتي! وها هو العصر قد جاء مثقلاً بالتعاسة ومر دونما اكتراث لتلك الصغيرة التي سئمت الوقوف خارج البيت! واتى المغرب ورحل سريعاً كما يفعلُ دوماً وامست الساعة العاشرة مساءاً وانا ارفضُ الحراك كجليد قرر ان لا يذوب واجل مشروع ان يصبح بخاراً حتى يهنأ بالشتاء!


كنت اختبئ خلف بيت جدي في مكان تبيت فيه الدجاج وكان كل شيء يبدوا لي في ذلك القفص مغلقاً بإحكام ، وجل ما كنت افعل هو الامتعاض! كيف اكون سمراء قمحية اللون فيما كل من في البيت ابيض! كيف تكون اختي بلون الثلج فيما انا بلون التراب!! واسئلة مجنونة كهذه وادعاءات وشخصيات كنت اصنعها بنفسي من نفسي! كنتُ امل وماجد وامجد واحمد وسارة وياسمين وطيف في آن! كنتُ كل من اريدهم في قفص !


اليوم اصبحتُ في التاسعة عشر وما زالت تلك كذبة اخرى اكاد لا اصدقها لانني لن اقول ان الزمان مر سريعاً بل كان متهكماً بطيئاً كسلحفاةٍ سابقت ارنب!
ادركتُ ان المعلمة لم يفلح التعليم في ان يهديها جواباً على السؤال الذي درسته في سنة كاملة ، وفهمتُ ان الحب اصبح عملة بوجه واحد يتقاذفها الرجال والنساء برخصِ رغيف الخبز وبهدايا مصدرها اموات اصبحوا نفطاً !ودلفت لقصتي مع الحديقة والتي تحولت بفظاظة معلمتي الى مقبرة! كانت تحاول وهي المسكينة ان تعزز الرغبة بالجد في نفوس زملائي ولم تكن صادقة! ما اقسى زماناً يكون فيه المربي لصاً كاذباً وصانع توابيت! تعلمتُ في بيوت الدجاج ان البيض كنزٌ لو فرشت نفسها عليه لاصبح ولياً للعهد فيما لو تركته كان مصيره ان يدهن بمعجون الطماطم في وجبة بشري جائع!وان الحياة لا يمكن ان تسير دونما بحث! عن الحبوب واشياء اخرى...
المضحك ان محمد كاتب المقال الاخير كان يستحق ان يلطخ ببقايا الطعام ! ذاك يناسبُ شأنه! لو ان الزمان عاد بي لقفزت فوق جثته المصورة في كل صباح! 
والآن سأمرر يدي التي لم تعد ضئيلة الى وجهي لاحسد نفسي على هذا اللون الذهبي الذي اهداني سحنة العرب! التي سأفخرُ بها يوماً بلا شك! بمعنى الفخر الذي يشبه الحب!
اي ان يكون دين! اعتقادٌ وقولٌ وعمل !..

أمل السعيدي ..... 3/1/2012 


هناك 3 تعليقات:

  1. غير معرف5.1.12

    من الأشياء الجيدة لأي متبع لأي ديانة أنه يختبر دينه لكي يعبد ويصلي ويصوم ويحج عن إقتناع وبالدليل الرباني وليس كلام الناس.
    في القرآن آيات كثيرة تخاطب العقل لكي يتفكر وآيات تحدي تعجزه!!!!
    مشكلة بعض المسلمين أنهم ينتمون للإسلام بالاسم فقط وهم في الحقيقة لا يعلمون شيئا عنه ولكن يقولون وجدنا آباءنا!!!!
    أرى أن هناك تقصير من العلماء والمعلمين في جانب درء الشبهات!!!!

    ردحذف
  2. لذلك كان للتدين بهذا الدين مراتب وجزاءات عدة :
    فهنالك من الناس من اسلم ليتبع! وهنالك من اسلم باختياره ولكل منهم جزاءه كما وضحت مصادر التشريع!
    انا ارى ان هذه النعمة العظيمة تستلزم التقدير قبل كل شيء آخر ، وطبيعة المرء ان لا يحسن تقدير النعم حتى يفقدها ! وهنا شكل الفقد معنوي ! وبما اننا نعيش في زمن صعب فقد الكثير منا هويته فلن يحس ذات المرء بالفارق او بالفقد !
    من الافضل ان يتعلم المسلم اشكال التقييم والتفنيد ليبدأ في قياس كل شيء حتى دينه ! انا سأقرر ان اتدين بدين ما ! يعني انني من ساختار هذا حسنا فل ابدأ اذاً بقراءة الادلة العقلية والنقلية لاتوصل الى اقتناع تام بما اريد !
    اذا مربط الفرس هو الشك ! طريق الايمان
    والدهشة قاتلة الحتمية ...

    شكراً لردك هنا سعدت به ...

    ردحذف
  3. غير معرف5.1.12

    تدونية رائعة عزيزتي امل
    راقت لي بقوة
    واغضبتني المعلمة كثيراً !! كم اكره هذا الموقف !
    استمري و واصلي
    وفقك المولى لما يحب ويرضى ^^

    ردحذف